إمارة دبي في الصحافة العربية (1925-1931م) جريدة الشورى نموذجاً

الإمارات مجلة مدارات ونقوش – العدد 7

 2,502 عدد المشاهدات

الكاتب: قاسم بن خلف الرويس – باحث سعودي

 
 

من الجرائد التي تكتسب أهمية خاصة نظراً لصدورها في فترة سياسية حرجة من التاريخ العربي الحديث جريدة ذات انتشار وصيت اكتسبتهما بسبب منهجها الشجاع في الدفاع عن حقوق العرب والمسلمين، وجرأتها في تفنيد أعمال المستعمرين، وعدم خضوعها للمساومات المأجورة والأقلام المأزورة؛ جريدة (الشورى) القاهرية التي أصدرها الأديب الصحافي المناضل العربي الفلسطيني محمد علي الطاهر (1896- 1974م)، واستمرت في الصدور سبع سنوات ابتداء من سنة 1343هـ/1924م حتى توقفها سنة 1350هـ/1931م بعد صدور 335 عدداً منها..

وكانت ساحة لأقلام كبار الكتّاب العرب في زمانهم. وقد اكتنزت في ثناياها أخباراً ومعلومات مهمة عن بلدان الخليج العربي بصفة عامة، ومنها إمارات الساحل السبع التي شكَّلت فيما بعد دولة الإمارات العربية المتحدة، هذه الأخبار والمعلومات يعود أحدثها زمنياً إلى ما قبل الاتحاد بأربعين سنة، ومن هنا تكتسب أهميتها التاريخية ودلالاتها العلمية عند الباحثين في تاريخ الإمارات.

 
 


وكان أول  ذكر في جريدة الشورى لإحدى الإمارات العربية من نصيب إمارة دبي وذلك في العدد 38 بتاريخ 24 من ذي الحجة سنة 1343هـ/ 16 يوليو 1925م، حيث زارها الزعيم التونسي عبدالعزيز الثعالبي ضمن جولته في الخليج  في عصر يوم الجمعة  23 يونيو 1925م، وقد قام مراسل الجريدة الخاص بدبي في ذلك الحين وهو الأديب أحمد بن سلطان بن سليم بتغطية تفاصيل هذه الزيارة وخصوصاً الحفلة التي أقامتها المدرسة الأحمدية لهذا الضيف ونشرت في الصفحتين الرابعة والخامسة من الجريدة.

أحداث الإمارات
في حين نشرت جريدة الشورى الخبر الأخير المتعلق بالإمارات في عددها الأخير الذي يحمل الرقم 335 بتاريخ 21 ربيع الأول سنة 1350هـ/ 5 أغسطس سنة 1931م، وتضمن تفاصيل مقتل عبدالرحمن بن سيف حاكم الحمرية، ونشر في الصفحة الثالثة من الجريدة ومصدر الخبر من دبي ولعله لمراسلها هناك أيضاً.
وما بين العدد 38 والعدد 335 وعلى مدى زمني يقع في بحر سبع سنوات نشرت جريدة الشورى ما مجموعه 64 مادة صحافية تتناول أحداث الإمارات العربية وعلاقاتها ورجالها والتي تتوزع أعدادها حسب سنوات نشرها بين 1925 و1931م.
كما اختلفت مصادر الأخبار وجهاتها، وإن كانت غالباً ترد من مراسليها في دبي ومسقط، ولكن كان للجريدة أيضاً مراسلون يزودونها بالأخبار في البحرين وبندر عباس والبصرة وعمان وبومباي كما كانت تنقل بعض الأخبار من الجرائد الهندية والمصرية والإيرانية إضافة إلى مراسلات القرّاء.

 
تشير الصحيفة إلى دور الشيخ سعيد بن مكتوم في توطيد الأمن مثل خبر اعتداء بعض المعتدين من إحدى القبائل على إبل لبني ياس سنة 1925م حيث سيّر حاكم دبي قوة بقيادة أخيه حشر بن مكتوم لمطاردة أولئك المعتدين
تشير الصحيفة إلى دور الشيخ سعيد بن مكتوم في توطيد الأمن مثل خبر اعتداء بعض المعتدين من إحدى القبائل على إبل لبني ياس سنة 1925م حيث سيّر حاكم دبي قوة بقيادة أخيه حشر بن مكتوم لمطاردة أولئك المعتدين
 


وقد تركز أغلب المواد على النواحي السياسية بحكم الاضطرابات المستمرة في تلك الفترة سواء من جهة عمان أو من جهة الإنجليز أو في داخل الإمارات أو فيما بينها، حيث شكّلت ما يقارب 70% من مجمل المواد في حين تناولت بقية المواد النواحي الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، كما أنَّ أكثر من 50% من هذه المواد متعلق بإمارة دبي بطريقة أو بأخرى، حيث أصبحت منذ مطلع القرن العشرين ميناءً تجارياً نشطاً يقصده العرب والفرس والهنود وغيرهم، إضافة إلى وجود نخب متعلمة فيها جعلتها على اتصال مستمر مع العالم الخارجي من خلال ما يرسلونه إلى الصحف عن أحوالها، حيث كان مراسل جريدة الشورى الخاص مقيماً في دبي. ولذلك فإننا سنسلط الضوء على شيء مما يتعلق بإمارة دبي على صفحات الشورى التي جاء تعريف دبي في عددها الثامن والثلاثين بهذه الصورة في عام 1925م : «دبي: بلدة من بلاد ساحل عمان … وهي اليوم أرقى تلك البلدان عمراناً وحضارة وقوة مادة ومعنى، والذي يسرُّ كل عربي بل كل شرقي على الإطلاق تمسُّك أهل البلاد بعروبتهم وإحرازهم الغنى الواسع، وكل ذلك بفضل تجارة اللؤلؤ»، ويمكن أن نختصر أخبار إمارة دبي الواردة في جريدة الشورى في عدد من العناصر وهي:

 

رصد الأوضاع السياسية والاقتصادية

يعدُّ العام 1925م نقطة مفصلية في العلاقات السياسية مع بريطانيا، حيث قررت حكومتها بعد انقلاب رضا بهلوي وتنصيبه شاهاً لفارس، تغيير مسار خطها الجوي بين لندن وشبه الجزيرة الهندية من الساحل الفارسي إلى الساحل العربي، الأمر الذي زاد مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية مع إمارات الساحل  المستقلة في شؤونها الداخلية، وهو ما يتطلب الحصول على موافقة حكّام الإمارات العربية على إقامة المنشآت الأرضية اللازمة، والتي لم تكن أمراً سهلاً لاعتراض الحكام والأهالي على ذلك خوفاً من النفوذ الاستعماري في الداخل، فاستخدمت بريطانيا قوتها المهيمنة في تهديد الحكّام والضغط عليهم للموافقة. ولم تخلُ هذه الفترة من خلافات وصراعات داخلية فيما بين الإمارات أو في داخل الإمارة الواحدة، وكان للوجود البريطاني المكثف خلال هذه الفترة دور ملحوظ في التدخُّل في هذه الخلافات الداخلية بطريقة أو بأخرى حفاظاً على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، كما شهدت استعراضات للقوة البريطانية كل مدة تحت ذريعة القضاء على تجارة الأسلحة أو تجارة الرقيق وما شابهها من الذرائع.

 
 
 
 

 أمّا من الناحية الاقتصادية فقد كانت الإمارات العربية تعتمد على نشاط اقتصادي واحد هو موسم الغوص وما يدره من عوائد كبيرة، وكان له دور في تنشيط الحركة التجارية بالمنطقة استيراداً وتصديراً، فقد بلغ الطلب العالمي على اللؤلؤ الخليجي غايته سنة 1925م حتى بلغ دخل الساحل المتصالح وحده من صادرات اللؤلؤ تلك السنة عشرة ملايين روبية هندية، ولكن ظهر في آخر العشرينيات اللؤلؤ الياباني المستزرع كمنافس للؤلؤ الخليجي الطبيعي؛ فأدى إلى انهيار سعر اللؤلؤ في الأسواق العالمية مع تزامن ذلك مع أزمة اقتصادية عالمية خلال 1929-1931م، ما أصاب منطقة الخليج بنكسة اقتصادية كبيرة؛ فتدهور المستوى المعيشي للسكان، ولكن شاء الله ألا يطول أمد هذا التدهور، حيث تدفّق النفط في المنطقة وأعاد للاقتصاد ازدهاره  . مع العلم أنَّ حكام الساحل المتصالح قد وقّعوا تعهدات بعدم منح امتيازات التنقيب عن المعادن في أراضيهم إلا لبريطانيا سنة 1922م، وذلك قبل اتفاقية الخط الأحمر سنة 1928م، بينما نالت شركة تطوير بترول الساحل المتهادن امتياز التنقيب في أبوظبي 1939م .
ومن المعلومات التي أشارت إليها جريدة الشورى في تلك الفترة مما له علاقة بإمارة دبي إشارتها في العدد 54 إلى استقلال دبي ومقاومة حاكمها لإنشاء قنصلية بريطانية ومركزاً للبرق في دبي، وإشارتها في العدد 60 والعدد 63 إلى تضامن إمارة أبوظبي وإمارة دبي مع عمان وتشكيلهم حلفاً عسكرياً في عام 1925م في ظل الترويج لشائعة اتفاق ثلاثي بين الإنجليز وسلطان مسقط وابن سعود على حرب عمان، وظهور الدعوة إلى الوحدة العمانية التي عبّر عنها الشاعر أحمد بن سلطان آل سليم بقوله:

ليس الشمال ومسقط

وصحار فيما دوّنا

إلا أديماً واحداً

مهما تعددت الكنى

 

وكذلك إشارتها إلى بعض الاضطرابات الأمنية داخل الإمارات ودور الشيخ سعيد بن مكتوم في توطيد الأمن مثل خبر اعتداء بعض المعتدين من إحدى القبائل على إبل لبني ياس 1925م والمنشور في العدد 61، حيث سيّر حاكم دبي قوة بقيادة أخيه حشر بن مكتوم لمطاردة أولئك المعتدين رغم استرجاع الإبل. كما نجد إشارة في العدد 234 إلى تفاصيل بعض الشؤون الداخلية في دبي عام 1929م، وجاء في العدد 293 والعدد 298 تكذيب لبعض الإرجاف الذي نشرته إحدى الصحف الإيرانية حول اعتداء الإنجليز على دبي. 

 
 


توثيق زيارات الزعماء والأعيان

ومن هذه الزيارات التي جرى توثيقها على صفحات جريدة الشورى زيارة الزعيم التونسي عبدالعزيز الثعالبي؛ حيث قامت جريدة الشورى في عددها رقم 38 بتاريخ 16 يوليو 1925م بتغطية زيارته إلى دبي التي قدم إليها من الهند عن طريق مسقط في يونيو عام 1925م؛ إذ وصفت استقبال ولي عهد دبي له مع حاشيته في زورق خاص ترفرف عليه راية إمارة دبي ونزول الثعالبي في ضيافته في قصره الفخم، ثمَّ تصف زيارته للمدرسة الأحمدية والحفل الذي أقيم فيها احتفاءً بالضيف، وما تخللها من خطب وكلمات ومناشط، وكان لهذه الزيارة أثر في التعريف بالإمارات العربية في الصحافة الأخرى؛ إذ أجريت مقابلات صحافية مع الثعالبي في بعض الصحف العربية تحدَّث فيها عن مشاهداته ونشرت إحداها جريدة الشورى في العدد 81 بتاريخ 21 مايو عام 1926م.

 

ومن هذه الزيارات أيضاً زيارة والي صحار السيد حمد بن فيصل البوسعيدي؛ إذ نشرت الشورى في العدد 114 بتاريخ 13 يناير 1927م خبراً عن قدوم أخ السلطان تيمور بن فيصل بن تركي البوسعيدي السيد حمد بن فيصل الذي كان والياً على صحار برفقة 170 من حاشيته وجنده إلى دبي يوم الخميس 19 جمادى الأولى عام 1345هـ، حيث قوبل بالحفاوة والترحيب، وكان في استقباله حاكم دبي الشيخ سعيد بن مكتوم، والشيخ مانع بن راشد ولفيف من الشيوخ والأعيان، وأقيم له في اليوم الثالث لقدومه حفلاً في المدرسة الأحمدية، بينما استغرقت زيارته سبعة أيام، وقد حيّاه الشاعر أحمد بن سلطان آل سليم بقصيدة مطلعها:

 

تيهاً (دبي) ألا امرحي

        طرباً لقد نلتِ المنى

 

وقد قام سكرتير والي صحار الخاص بعد نشر خبر الزيارة بأكثر من ثلاثة أشهر بالتعقيب عليه مؤكداً امتياز (دبي) عن البلدان المجاورة لها بكثرة تجارتها موضحاً أهداف زيارة والي صحار لها.

 
 

 

ومن هذه الزيارات زيارة مؤسس مدارس الفلاح محمد علي زينل،  فقد نشرت الشورى في العدد 207 بتاريخ 26 ديسمبر عام 1928م تفاصيل زيارة هذا المحسن الحجازي الكبير وتاجر اللؤلؤ الشهير الذي قدم إلى دبي من البحرين في صبيحة يوم الخميس  18 جمادى الأولى 1347هـ، وكان في استقباله الشيخ جمعة بن مكتوم والشيخ مانع بن راشد وكثير من وجهاء دبي وأعيانها ليحل ضيفاً ذلك اليوم في ضيافة محمد بن أحمد بن دلموك، وفي صبيحة يوم السبت زار مدرسة السعادة، حيث تمَّ الاحتفال به فيها وألقيت الخطب والكلمات، ليدعوه في اليوم الرابع حاكم الشارقة الشيخ سلطان بن صقر القاسمي فلبّى دعوته، ثم قفل راجعاً إلى دبي، وفي يوم الثلاثاء 30 جمادى الأولى أقامت له مدرسة الفلاح التي أسّسها في دبي حفلة شائقة حضرها حاكم دبي الشيخ سعيد بن مكتوم وجمع غفير من طلبة المدارس ومن أهالي دبي، ليغادر دبي يوم الخميس 2 جمادى الآخرة على الباخرة برودا إلى بومباي في الهند.

تأريخ الحركة الثقافية
نجد في ثنايا الأخبار التي نشرتها جريدة الشورى خلال الفترة (1925-1931م) إشارات مفيدة للباحثين في نشأة الحركة العلمية ودلالات على الوضع الثقافي العام في هذه الإمارة وبواكير النهضة الأدبية فيها آنذاك، ومن ذلك الإشارة في العدد 38 إلى تأسيس وإنشاء الشيخ محمد بن أحمد بن دلموك للمدرسة الأحمدية التي زارها الثعالبي سنة 1925م، كما نجد إشارة في العدد 38 والعدد 127 إلى دور للشيخ مانع بن راشد في النهضة العلمية في دبي عموماً وفي تأسيس هذه المدرسة خصوصاً، ثمَّ نجد أنَّ الجريدة نشرت في العدد 118 بتاريخ 10 فبراير عام 1927م مقالة تحت عنوان (حركة علمية جديدة في دبي) وتحدثت عن انتباه الناس إلى أهمية العلم وأنه سبب النهضة والتقدم، وتذكر من البوادر قيام مدرسة علمية في دبي كانت في أول أمرها مقصورة على دروس الفقه واللغة العربية والوعظ الذي يقوم به عالم من أهل الأحساء، وأنَّ القائمين عليها حولوها إلى مدرسة تشبه المدارس العصرية وجلبوا لها معلمين من الخارج رغم وجود بعض معارضي هذه الفكرة ممن يتعصبون للجمود، ولعلَّ المقصود (المدرسة الأحمدية)، في حين تشير المقالة إلى تأسيس مدرسة أخرى في دبي غير هذه المدرسة في ذلك العام، ولعلَّ المقصود بهذه المدرسة الأخرى (مدرسة السعادة)، التي سعى لتأسيسها التاجر محمد البدور والحاج يوسف السركال ومحمد عبدالله اليماني كما في العدد 207 بتاريخ 26 ديسمبر 1928م، ويبدو أنَّ تأسيس مدرسة السعادة يتقارب تاريخياً مع تأسيس (مدرسة الفلاح) في دبي على يد تاجر اللؤلؤ الحجازي الشهير محمد علي زينل خلال عام 1928م، ولكن لم يظهر لنا من خلال جريدة الشورى أيهما الأسبق، ويمكن أن نقول إنَّ هذه المدارس الثلاث هي نواة التعليم النظامي العصري في إمارة دبي.

 

وأمّا في النواحي الثقافية الأخرى، فيظهر أنَّ للصحافة العربية، بشكل عام في دبي، متابعين وقرّاء من طبقة المتعلمين، ومن مظاهر ذلك وجود مراسل للشورى في دبي في وقت مبكر؛ ألا وهو الأديب أحمد بن سلطان آل سليم، كما أننا نجد على صفحات الشورى بعض المراسلات والموضوعات الأخرى المرسلة من أفراد آخرين يقيمون في دبي مثل عبدالله الصانع في العدد 50 والعدد 80 والسيد أحمد بن محمد المحضار في العدد 118 وغيرهما ممن لم يصرح بأسمائهم في أعداد أخرى، وهي في أغلبها تناقش الأوضاع السياسية في المنطقة بشكل عام وفي دبي بشكل خاص، وربما أدّى هذا الاهتمام بالصحافة والوعي بدورها من قبل مثقفي دبي في تلك الفترة إلى خوف البريطانيين من تأثيرها السياسي في الناس، حيث نجد في العدد 133 من الشورى خبراً حول منع جميع الجرائد في دبي ومصادرتها في البريد سواء كانت مصرية أو سورية أو عراقية أو مكية، إلا أنَّ الشورى عادت في العدد 136 إلى نفي صحة هذا الخبر بناء على ما كتب إليها من بومباي، إلا أننا نجد الجريدة بعد عامين وتحديداً في العدد 310 بتاريخ 28 يناير 1931م تؤكد ذلك المنع للجرائد من دخول دبي وإلغاءه بعد ذلك، في حين أشارت إلى خشيتها من عودة هذا المنع للصحف؛ لأنه لوحظ أنَّ هناك مصادرة لكل مكتوب يصدر من دبي إلى الصحف، لتعود في العدد 319 وتنشر إفادة من مراسلها في بندر عباس بأنه لم يكن هناك منع على دخول الجرائد إلى دبي في أي وقت وإنما حصل تضييق لم يطل على الكتب الصادرة إلى الصحف، بينما نجد إشارة في العدد 335 إلى تهديد بنفي أحد مدرسي المدرسة الأحمدية إلى الزبير بسبب مكاتبة الجرائد!
كما أننا نجد على صفحات الشورى توثيقاً لبعض نتاج أدباء دبي في تلك الفترة، حيث كانوا يبثون عواطفهم ويعبرون عن مشاعرهم نثراً وشعراً وينشرونها في الصحافة العربية مثل ما كتبه عبدالله بن علي الصانع عن المجاهدين في الريف المغربي بقيادة عبدالكريم الخطابي في العدد 50، أو ما كتبه عن نكبة دمشق في العدد 80، أو اقتراح أحدهم التزام الصحف بالتاريخ الهجري العربي بدلاً من التاريخ الإفرنجي في العدد 83، أو قصيدة الشاعر أحمد بن سلطان بن سليم في سليمان الباروني باشا التي نشرت في العدد 103 ومطلعها:
هنّت عمان بما حازته بلدان     إذ أحرزت بك فتحاً يا سليمان

 

أو قصيدته الأخرى في السيد حمد بن فيصل البوسعيدي في العدد 114 والتي أشرنا إلى مطلعها سابقاً، أو قصيدة الشاعر سالم العويس عن سوريا في العدد 133 التي مطلعها:
الليل يشهد والنهار   أن الشآم قرى الفخار
أبدوا بنو سورية      عزماً يشابه ذي الفقار

ونجد كذلك رصداً لرحلات مثقفي دبي إلى الخارج. ولا شك في أنَّ لهذه الرحلات أثرها في توثيق علاقاتهم وتوسيع مداركهم واكتسابهم المعارف واحتكاكهم بالثقافات الأخرى ومن ذلك رحلة أحمد بن سلطان بن سليم إلى بومباي سنة 1927م ومروره بعد عودته بمسقط وزيارته سمائل لمقابلة سليمان باشا الباروني، ثم رحلته من دبي إلى البحرين في العام نفسه، وكذلك نشرت الشورى خبراً عن رحلة الشيخ مانع بن راشد إلى بومباي في عام 1927م.  

بقي أن نقول: إنَّ الباحث في تاريخ الخليج عموماً وفي تاريخ الإمارات خصوصاً سيجد في المواد الصحافية المنشورة في الشورى ما يساعده على سدّ بعض الثغرات أو تحليل بعض الحوادث أو الاستدلال على بعض الأحوال أو فتح آفاق لأبحاث ودراسات مفيدة، فهي أشبه ما تكون بسجل تاريخي لحظي يتضمن أخباراً وإشارات ومواقف ولمحات عن بعض الأمور الجارية خلال الفترة من (1925-1931م).