2,445 عدد المشاهدات
كشفت تقارير صحفية تركية عن مفاجأة بشأن أصول رئيس وزراء بريطانيا الحالي، بوريس جونسون، وزعمت أنها تعود إلى أصول عثمانية .وذكرت صحيفة “حرييت ديلي نيوز” التركية، أنَّ جونسون، تعود جذوره إلى عائلة عثمانية تولَّت مناصب حيوية خلال حقبات مختلفة في العهد العثماني.
ولد علي كمال بك (1867-1922)، جَدُّ بوريس جونسون رئيس الحكومة البريطانية الحالية، في مدينة “كالَفَت” التركية، التي تبعد 100 كم إلى الشمال من العاصمة أنقرة، وكان شخصية عثمانية متعلمة ومثقفة مرموقة، وعمل بالصحافة وأصدر جريدة بيامي صباح (رسالة الصباح)، ومن قبلها شغل في الحكومة العثمانية منصب وزير التعليم، ومن بعدها وزارة الداخلية في حكومة دامات فريد باشا، وعاش سنوات صعبة ومتناقضة بين حكومتي إسطنبول وأنقرة التي كان يتزعمها مصطفى كمال أتاتورك، وهو وزير في حكومة إسطنبول التي كانت تحت هيمنة الإنجليز بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى.
وفي سنوات إعلان الجنرال مصطفى كمال حرب التحرير ضد الحلفاء (1919 – 1922) كان علي كمال بك من المعارضين لشن الهجمات على الجيش الإنجليزي، بحكم توليه منصب وزير الداخلية عام 1919 ومعرفته بالاتفاقيات بين حكومة إسطنبول والإنجليز، فاتهم بالخيانة والعمالة للإنجليز، وبالأخص أنه كانت له زيارات وإقامات سابقة في بريطانيا، وأسَّس فيها علاقات اجتماعية مع البريطانيين.
تزوج علي كمال بك زوجته الأولى “وينفريد برون” في لندن عام 1903، وهي ابنة لأب سويسري وأم إنجليزية هي مارغريت جونسون، وأنجبت له طفلين هما سلمى وعثمان، وقد توفيت زوجته بعد ولادة ابنها في عام 1909م، وعندها اضطر علي كمال بك إلى ترك أطفاله مع جدتهم مارغريت جونسون والعودة إلى بلده بعد ثلاث سنوات عاشها في ويمبلدون بإنجلترا.
انشغل الصحفي علي كمال بك بالأوضاع المضطربة في الدولة العثمانية، فكان منتقداً لحكومة الاتحاد والترقي ومعارضاً لها، ووصف أعضاء حكومة الاتحاد والترقي بالجزارين، وكان يطالب في مقالاته الصحفية بمحاكمتهم، كما كان معارضاً لحركة الجنرال مصطفى كمال ويراه غير مؤهَّل لتولي مقاليد الثورة.
من الأسباب التي أدَّت إلى اتهام علي كمال بك بالخيانة أنه أعطى تعليماته بعد تعيينه وزيراً للداخلية في شهر أيار عام 1919 بعدم قبول تلغرافات الاعتراض المرسلة إلى حكومة إسطنبول والحلفاء، وكانت برقيات التلغراف هذه تحتوي على طلب بالنضال ضد الجيش اليوناني الذي احتلَّ ازمير بمساعدة الحلفاء، وكان يقول ليس من المناسب توجيه القتال ضد جيوش الحلفاء.
وكان يرى أنَّ الجنرال مصطفى كمال لا يستحق أن يسمّى قائد الانتصار على الحلفاء في حرب الاستقلال، وكان يرى أنَّ الانتصار تحقَّق على أيدي الجنود العثمانيين الذين ضحّوا بأنفسهم في سبيل دينهم ووطنهم، ولكن أتاتورك قطف ثمار الانتصار بغير حق، وما كتبه ضد حركة مصطفى كمال أتاتورك وشخصه أيضاً كان سبباً لإلقاء القبض عليه من قبل أعوان أتاتورك وقتله قبل أن تتمَّ محاكمته.
لقد تمَّ قتله نتيجة قرار من مصطفى كمال أتاتورك أصدره بتاريخ 20 حزيران 1919 بتهديد الملتزمين بتنفيذ حظر التلغراف الذي قرَّره علي كمال بالمحاكم العسكرية، وقرار علي كمال بك سابق الذكر أدّى إلى خلاف بينه وبين وزير الحربية، وإلى استقالته من الحكومة وعودته للعمل في الصحافة وإصداره جريدة بيامي صباح (رسالة الصباح).
استمرَّ علي كمال في مهاجمة الكماليين والقول في كتاباته “لن يكون من الجيِّد إذا وقفتم ضد الإنكليز”، بينما كان ردُّ فعل الوطنيين اعتباره خائناً يريد تحويل تركيا إلى مستعمرة إنكليزية.
على إثر هذا الصراع تمَّ نفيه إلى إزميت وتسليمه إلى حاكمها نور الدين باشا، وقيل إنَّ نور الدين باشا كان يتخلَّص من خصومه والأسرى عنده بتسليمهم إلى عصابة ليقوموا بقتلهم، فقامت تلك العصابة بقتل علي كمال باستخدام العصي والحجارة والسكاكين، وقيل إنَّ مصطفى كمال أتاتورك قد غضب كثيراً عندما علم بهذه الحادثة، وعزل نور الدين باشا من وظيفته بقوله “نحن لسنا قطّاع طرق في الجبل”.
كان علي كمال بيك بعد وفاة زوجته الأولى وعودته إلى إسطنبول، قد تزوج بالسيدة صبيحة ابنة وزير المدارس العسكرية زكي باشا، وكان يقيم في قصره الموجود في الجزيرة الكبيرة، وقد ولد له من زوجته صبيحة ذرية تولوا مناصب في الجمهورية التركية، منهم “زكي كونر ألب” (1914-1998)، ونجله سليم كونر ألب الذي كان السفير التركي في سيؤول، وقد توفيت صبيحة عام 1990.
وفي بريطانيا قامت الجدة مارغريت جونسون بتربية أحفادها أبناء علي كمال باشا وأبناء ابنتها “وينفريد برون”، وذلك بعد وفاة أمهم وقتل أبيهم، فقامت بتربيتهم كإنجليز، وقد ذهب عثمان ويلفريد كمال إلى مصر عام 1936 وعمل مع أبناء أخ/أخت والدته وتزوَّج إيرين ويليامز بروملي، وولد من هذا الزواج ستانلي جونسون عام 1940 الذي أصبح مديراً لمجلة “ذا سبيكتاتور” ونائباً عن حزب المحافظين، وقد تزوَّج ستانلي جونسون من تشارلوت، ابنة السير جيمس فوسيت من أصل بوهيمي، وقد ولد من هذا الزواج ألكسندر بوريس جونسون الذي تمَّ انتخابه عمدةً لمدينة لندن من حزب المحافظين وهو في الرابعة والأربعين من عمره، وعُيِّنَ وزيراً للخارجية البريطانية، ومن بعدها سُمِّيَ رئيساً للحكومة البريطانية، وهكذا أصبح حفيد علي كمال بك العثماني المسلم رئيساً للحكومة البريطانية باسم بوريس جونسون، الذي يشدِّد باستمرار على أصوله التركية.