2,376 عدد المشاهدات
مركز بن حويرب للدراسات – دبي
أكد المستشار والمؤرخ جمال بن حويرب المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، ورئيس مركز جمال بن حويرب للدراسات أن الإمارات العربية المتحدة أصبحت بفضل قيادتها الرشيدة دولة مهمة إقليمياً ودولياً، ويشار إليها بالبنان على الصعد كافة، ومن حق مواطنيها والمقيمين فيها أن يعرفوا تاريخها القريب والبعيد، وكل مفاصل تطورها ونموها. وهذا لن يتأتى إلا من خلال كتابة تاريخها وتوثيقه من قبل مؤرخين موثوقين ومحترفين .
جاء ذلك في أول أمسية رمضانية أقامها المركز مساء الأحد الماضي في إطار موسمه الجديد بعنوان ” وقفات في تاريخ الإمارات” شهدها لفيف من المثقفين والأدباء وأساتذة الجامعات والإعلاميين، غصت فيهم قاعة المركز. يتقدمهم الأستاذ عبدالحميد أحمد، رئيس تحرير صحيفة جلف نيوز، د.فاطمة الصايغ، د. معتز عثمان، د. غانم السامرائي، الخبير التراثي رشاد بوخش، د. شهاب غانم، والخبير التراثي راشد بن هاشم والأديب محمد صالح بداه وغيرهم، وأدراها الشاعر والإعلامي حسين درويش، حيث عَرَفَ بالمحاضر قائلاً أنه باحث وشاعر وإعلامي وله اهتمامات واسعة في البحث والتأليف ويقدم برنامجاً تلفزيونياً ناجحاً على قناة دبي بعنوان “الراوي”.
قال بن حويرب في محاضرته: أن الدولة عندما قامت قبل نيفٍ وخمسة عقود، كان عدد سكانها قليل، واليوم يزيد عددهم عن عشرة ملايين نسمة، ما يعني أن الدولة تشهد نمواً هائلاً في المجالات شتى . ومن حق المواطن والمقيم أن يعرف تاريخ هذه الدولة، حيث أكملت الإمارات 51 سنة من العمر، لكن تاريخها يعود إلى مئات بل آلاف السنين، وجيل المستقبل يتطلع إلى معرفة تاريخ دولته، وكذلك المقيم من حقه أن يعرف تاريخ الدولة التي يعيش فيها، وهذا لن يتأتى إلاَ من خلال توثيق وحفظ تاريخها من خلال مؤرخين محترفين وموثوقين من أبناء البلاد .
وأكد بن حويرب أن الإمارات أصبحت دولة محورية ومهمة إقليمياً ودولياً بفضل قيادتها الرشيدة، لذا من حق مواطنيها والمقيمين على أرضها معرفة كيف تمكنت هذه الدولةخلال الفترة الزمنية القصيرة الماضية من تبوء هذه المكانة الرفيعة بين الدول.
وقفات تاريخية:
واستطرد المحاضر قائلاً …إن قيام الدول أو سقوطها يكمن في علوم التاريخ والاجتماع …ولو نظرنا إلى دولة أميركا العظمى لوجدنا أنها قامت على علماء التاريخ والاجتماع والفلسفة. ودولتنا بحاجة اليوم إلى تخريج مؤرخين مؤهلين وخبراء اجتماع وفلسفة، ولكن أين هذه الكليات ؟؟
وهنا أدقُ ناقوس الخطر، لأنه تم إغلاق معظم كليات التاريخ والاجتماع في الجامعات، ماعدا جامعة الشارقة، التي لازالت تحتفظ بكلية التاريخ والدراسات الإسلامية، إضافة إلى جامعة خور فكان التي استقطبت نحو 70 طالباً يدرسون التاريخ على يد الدكتور عبدالله المغني. أما جامعة الإمارات وهي الجامعة الأم فقد تم تحويل كلية التاريخ فيها إلى ” كلية السياحة والتراث”؟؟.
وأكد المحاضر خطورة هذا الوضع لو استمر على ماهو عليه قائلاً …إن الحل بسيط ومتيسر لوضع حد لهذه المعضلة، الأمر يكمن في :
– فتح مزيد من كليات التاريخ والاجتماع في الجامعات الحكومية والخاصة، وتوفير فرص العمل المناسبة للخريجين منها، لئلاَ يتسربون إلى مهن أخرى كالتدريس مثلاً.
وأشار بن حويرب إلى ندرة الكراسي البحثية، وهذا يتطلب من التجار والقطاع الخاص المساهمة في كتابة وحفظ تاريخ دولتهم من خلال تخصيص كراسٍ بحثية للتاريخ والاجتماع في الجامعات لزيادة الأبحاث العلمية وتشجيع الطلبة على دراسة التاريخ وعلم الاجتماع، وأشار إلى كرسي خلف الحبتور الذي تبنى إنشاؤه في عدة جامعات، لكن في الإدارة والأعمال .
وأضاف بن حويرب: إن الكتب التاريخية القديمة أو الجديدة لا تجد تشجيعاً لطباعتها مرة أخرى وتوزيعها بصورة واسعة على الباحثين والمهتمين، وضرب المحاضر مثلاً على كتاب ” زايد بن سلطان أمير أبوظبي ومستقبل الخليج العربي” للدكتور أمين شاكر قائلاً …هذا الكتاب من أهم ماكتب عن القائد المؤسس قبل قيام الدولة، لكن لا يوجد منه سوى نسخ قليلة جداً، لذا لم يطلع عليه كثير من الباحثين والمهتمين.
وأشار أيضاً إلى رسائل الماجستير والدكتوراة والدراسات الأكاديمية، التي ينبغي أن تطبع وتوزع للاستفادة منها، مؤكداً أن أكثر من 90 بالمائة منها لم تطبع وبقيت حبيسة الأدراج. كما إن هناك صفحات تاريخية وتراثية عن الدولة، نشرت وتنشر في الصحف المحلية لم تجمع أو ترقمن، ولم يهتم بها أحد رغم أهميتها في مسيرة تاريخ الدولة.
-النشر العلمي …قال المحاضر.. هناك 671 عنواناً في مكتبة دبي العامة عن دولة الإمارات، لكن معظمها ليس في تاريخ الدولة وإنما في الأدب والتراث والمنوعات وأشياء أخرى. أما في محرك البحث “غوغل ” فهناك 59 ألفاً و300 موضوع لكن معظمها لا يتحدث عن التاريخ الحقيقي للدولة، وكثير منها يتمحور حول إشاعات وأخبار مضللة.
وقال المحاضر أن البرامج التلفزيونية التاريخية منها قليلة جداً ومعظمها يقدمه هواة غير متخصصين لذا فإنها تأتي ضعيفة وتقدم معلومات مضللة عن تاريخ الدولة. ونحتاج هنا إلى برامج جادة وقوية وعلمية صحيحة يقدمها علماء تاريخ مؤهلين ومتخصصين.
و أكد بن حويرب أن هناك محاضرات تاريخية تقدم في الجامعات والمراكز المتخصصة، لكن الفائدة منها آنية لأنها لم تسجل أو تفهرس وتحفظ. ثم أتى بالذكر على حسابات التواصل الاجتماعي، ومواقع الأنترنت ودورها المهم في التوعية والتطور، لكن ما تقدمه هذه الحسابات والمواقع عن دولة الإمارات نادر وشحيح وغالباً ما تشوبه معلومات غير صحيحة، وتطرق المحاضر إلى كتابات الرحالة الذين جاؤوا إلى الدولة وكتبوا عنها، وكذلك ما نشر وينشر عن الإمارات عربياً وعالمياً وما تم تسجيله من صوت وصورة، مؤكداً ضرورة جمعها وحفظها وفهرستها.
ونوه إلى ضرورة حفظ الوثائق والمبايعات الموجودة لدى الأفراد مطالباً إن تنقل إلى مراكز الوثائق من أجل حفظها وتقديمها للباحثين والمهتمين. قائلا.. نحتاج إلى وقفة جماعية لنحقق النتائج المرجوة لدولتنا الرائدة.
مداخلات
في نهاية تحدث عدد من الحضور عن بعض ما ذكره المحاضر، حيث قال الصحافي نادر مكانسي قال : أعتقد أن سبب عزوف الطلبة عن دراسة التاريخ يعود لعدم توفر فرص عمل مناسبة للخريجين، وضرب أمثلة على ذلك. وأيدته في رأيه الدكتورة فاطمة الصايغ، حيث أكدت أنه تم إغلاق قسم التاريخ في الجامعة لعدم توفر فرص عمل مناسبة للخريجين، رغم أنه كان هناك نحو 300 طالب وطالبة يدرسون التاريخ.
وتحدث الدكتور غانم السامرائي من جامعة الشارقة قائلاً…هناك إقبال ملحوظ على دراسة التاريخ في قسم التاريخ والدراسات الإسلامية في جامعة الشارقة. مطالباً بالتوثيق الشفاهي وحفظه.
وشارك في الحوار كل من الدكتور شهاب غانم وراشد بن هاشم وراشد غانم والناشر ناصر عاصي وغيرهم..