3,881 عدد المشاهدات
الكاتب: ناصر حسين العبودي – كاتب وباحث تاريخي وخبير آثار من دولة الإمارات العربية المتحدة
منذ أكثر من نصف قرن تقوم البعثات العربية والأجنبية والمحلية بأعمال مسحية وتنقيبية في مختلف أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة، وإنَّ المعلومات التي بحوزتنا الآن عن ماضي هذه الأرض لم تكن متوافرة قبل هذه الأعمال التنقيبية العلمية التي تمّت في مختلف البيئات الساحلية والصحراوية والجبلية في الجزر.
لقد أمكن تحديد البدايات الحضارية في الدولة منذ العصور الحجرية الحديثة؛ أي من الألف الخامس قبل الميلاد. واستمرَّت هذه الحضارات متعاقبة ومتسلسلة زمنياً، وقد تعارف علماء الآثار على تقسيم زمن الحضارات في الإمارات إلى فترات مختلفة؛ منها فترة الألف الثالث قبل الميلاد المسمّى «العصر البرونزي»، ثمَّ فترة الألف الثاني قبل الميلاد، ثمَّ فترة الألف الأول قبل الميلاد المسمّى «العصر الحديدي»، ثمَّ فترة الحضارة الهلنستية، ثمَّ العصر الإسلامي بفتراته المختلفة (المبكرة والوسطى والمتأخرة)، وظهرت أيضاً فترة مسيحية في القرنين الخامس والسادس الميلادي، إلا أنها لم تكن عاملة وشاملة.
تنقيبات حديثة
إذا ما بحثنا في موضوع الخطوط والنقوش والكتابات القديمة، فإننا نستطيع أن نحدِّد مواقع وفترات زمنية لها؛ فقد أتتنا من مختلف الفترات الزمنية ومن مختلف البيئات، إلا أنَّ التصوُّر العام لها أنها قليلة ومتفرقة، ونعتقد أنَّ ذلك ناشئ بلا شك عن قلة المواقع الأثرية بشكل عام، كون المنطقة بعيدة نوعاً ما عن مواقع الحضارات الكبرى عبر العصور وظروف المناخ السائد والمواصلات، إضافة إلى قلة أعمال التنقيب والبحث التي تمَّت في الفترة الأخيرة والتي نعدُّها قصيرة وحديثة العهد.
إنَّ النقوش والكتابات والخطوط أمكن رصدها في مختلف المناطق وعلى مختلف الأسطح والمواد واللقى الأثرية ومن مختلف العصور الحضارية.
مع تأكيدنا من اكتشاف النقوش بالنقر على قمم وسفوح الجبال من فترة الألف الثالث قبل الميلاد حتى الألف الأول قبل الميلاد، في مواقع المنطقة الشمالية من الدولة في رأس الخيمة إلى مواقع على ساحل عمان في الفجيرة وكلباء. وقد كانت هذه النقوش في مناطق مرتفعة نوعاً ما من الجبال، كما عُثِرَ على نقوش على القمم الصخرية المتهدمة من الجبال وعلى الأسطح المستوية، وتمثِّل هذه النقوش مشاهد حياتية وطبيعية مختلفة وهي رسوم آدمية، حيوانات، أسماك، طيور وزواحف والشمس والقمر. ولقد لوحظ أيضاً أنَّ هذه النقوش تمَّ تنفيذها على المباني مثل القبور وعلى الأواني واللقى الأثرية المكتشفة من المواقع الأثرية التي تعود إلى نفس هذه الفترات، ما يؤكِّد اقتراح زمنها، ولم يُعْثَر على أية كتابات في تلك الفترة الزمنية، إلا أنَّ هناك خطوطاً هندسية وأشكالاً ودوائرَ عُثِرَ عليها منفذةً على اللقى الأثرية مثل الأواني الحجرية والفخارية والأختام الحجرية، ولم تدرس بشكل متكامل بعد، في العصر الهلنستي الذي بدأ في منتصف الألف الأول قبل الميلاد حتى القرن الرابع الميلادي، ويتمثَّل في موقعي (مليحة والدور). وأهم هذه الاكتشافات هي خطوط اللغات التي أمكن التعرُّف إليها وهي كتابات بالمسند الجنوبي (وبالخط واللهجة الإحسائية)، إضافة إلى كتابات باللغة الآرامية وباللغة اليونانية وُجِدَت منفَّذةً على أواني فخارية، وتمثِّل طبعات أختام مختلفة. ويظهر من هذه الاكتشافات أنها مستوردة، كما عُثِرَ على كتابات ونقوش على المسكوكات الأثرية الهلنستية المستوردة والمنفذة محلياً.
اللغة السريانية
ولا شكَّ في أنَّ اللغة السريانية كانت معروفة، إلا أنه لم يُعْثَر على ما يؤكِّد ذلك بالنظر إلى اكتشاف كنائس وأديرة في الدولة، وإلى كتابات عُثِرَ عليها ضمن الوثائق المكتوبة عن (بيت مزونيا)؛ أي عمان، وُجِدَت في شمال سوريا وتعود إلى الكنيسة النسطورية والتي انتشرت في منطقة الشرق العربي. أمّا اللغة العبرانية؛ فقد عُثِرَ على شاهد قبر منفَّذ بهذه اللغة في منطقة رأس الخيمة، إلا أنَّ التأكيد أنَّ من نفَّذ هذا العمل هم يهود تجار وافدون من بلاد فارس في القرن السابع عشر الميلادي. وقد ظهرت بعض الخطوط والرسومات ذات سمات خاصة في فترات سابقة يشير إليها بعض علماء الآثار على أنها ربما كانت لغة محلية.
وفي الفترة الإسلامية توضح لنا المواقع الإسلامية العثور على كتابات مختلفة نُفِّذَت على اللقى الأثرية من أواني وحاجيات أثرية ومسكوكات محلية ومستوردة، حيث أتت النقوش ذات السمة الإسلامية، والتي تبعد عن تصوير الإنسان والحيوان وتستعرض العناصر الكتابية والتحويرات النباتية والزخرفية، وحيث اللغة العربية كانت منفَّذة بأشكال فنية وهي في مجملها آيات قرآنية وأدعية وأمنيات، أمّا الأواني واللقى المستوردة فقد كانت عليها كتابات باللغة الصينية كونها مستوردةً منها ومحدَّدة فترتها الزمنية من القرن 5 -17م.
إنَّ موضوع النقوش والخطوط والكتابات القديمة بدولة الإمارات العربية المتحدة لم يأخذ حقَّه في البحث حتى الآن، وما زال الباحثون هم الخبراء أنفسهم الذين عملوا بالبحث والتنقيب في الدولة وأتوا من مختلف دول العالم.
الفترات الحضارية المكثفة في دولة الإمارات العربية المتحدة:
وهي فترات أمكن لعلماء الآثار تقسيمها إلى فترات ذات خصوصية معينة اعتمد فيها على أشكال اللقى والمباني الأثرية التي عُثِرَ عليها، وهي بذلك مختلفة في الأزمان بين فترة وأخرى. وبشكل عام هي فترات زمنية، حيث لم يستطع العلماء تحديد أسماء حضارات وُجِدَت سابقاً، واعتمد في الوقت نفسه على الشائع في التاريخ من المفاهيم العالمية في مجال الآثار وبشكل رئيس على التطوُّر الصناعي أو الاكتشافات الحضارية مثل البرونز والحديد وقبلها الحجر. وإذا ما أعطينا فكرة بسيطة وسريعة عن هذه الفترات وتقسيماتها ومن وجود نقوش وخطوط في بيئاتها المختلفة، فيمكن القول إنَّ أوَّل ما عُرِفَ في هذه الفترات ما يلي:
1 – فترة العصور الحجرية:
وهي فترة ظهرت في الألف الخامس إلى الألف الثالث (ق.م) ونستند في تاريخ تلك الفترة إلى موقع (البحيص) بالشارقة الذي اكتشف حديثاً عام (1994)، علاوة على انتشار هذه الثقافة في مختلف مناطق الإمارات، وعلى وجه الخصوص في المناطق الساحلية البحرية على الخليجي العربي وعُمان.
إلا أنه ثبت أنَّ مواقع هذه الفترة على ساحل الخليج العربي أقدم زمناً من التي تقع على ساحل خليج عُمان، إضافة إلى وجود هذه النوع من المواقع في المناطق الداخلية وخصوصاً قرب وديان المياه والجبال، حيث أظهرت سفوح هذه الجبال الكثير من النقوش الصخرية في كل من مواقع المنطقة الشمالية (رأس الخيمة) مثل مناطق شعم وشمل، ووادي البيح والرمس، وجبال أخرى قريبة، وفي المناطق الشرقية (خليج عُمان) مثل وادي شي وجبال قدفع، والبثنة والحيل (الفجيرة)، وبعض الجبال في كلباء، وخطم ملاحة، ووادي الحلو، ومصفوت (عجمان) والسيجي.
2- فترة الألف الثالث قبل الميلاد:
هذه الفترة مهمة جداً في الإمارات، وتسمّى فترة (العصر البرونزي) وأشهر مواقعها موقع (أم النار) الذي اكتشف في الخمسينيات من القرن العشرين، وهو موقع يضم سكناً وقبوراً، ويقع على جزيرة تأخذ نفس الاسم بالقرب من جزيرة أبوظبي عاصمة الإمارات، وقد انتشرت ثقافة هذا الموقع ليس في دولة الإمارات فحسب، بل في مختلف الدول المجاورة العربية منها وغير العربية، وأصبح يؤرخ لهذه الثقافة والفترة الزمنية استناداً إلى موقع (أم النار) ونقوش هذه الفترة وجدت على سفوح الجبال وأتت منفّذة على بعض القبور المكتشفة في (هيلي) بواحة العين (أبوظبي) والمهم في هذه الفترة والفترتين القادمتين أنَّ ما نفّذ له مشابهاته على اللقى الأثرية التي كان يُعْثَر عليها في المواقع الأثرية والتي تعود إلى الفترة نفسها. ومن أهم مواقع هذه الفترة، إضافة لموقع (أم النار) موقع تل الأبرق والمويهات ودبا والبدية واعسمه (رأس الخيمة)، ومليحة وكلباء. ويلاحظ على هذه المواقع قربها من سفوح الجبال، الأمر الذي ساعد سكان هذه الفترة على تنفيذ بعض النقوش الصخرية بالقرب من مناطق السكن.
3- فترة الألف الثاني قبل الميلاد:
وهذه الفترة تلت الفترة الأولى، وزمنياً تحدَّد بالألف الثاني (ق.م) حتى الألف الأول (ق.م) وهذه الفترة ليست بانتشار الفترة السابقة ولا اللاحقة وتعدُّ مواقعها قليلة في سلسلة المواقع الأثرية وتتشابه هذه الفترة مع وقع (وادي سوق) في عمان المشهور، وأهم مواقعها في الإمارات موقع حفيت وهيلي (بالعين) والقصيص (بدبي)، ووادي القور وشمل وخت وغليلة (برأس الخيمة) وتل الأبرق (أم القيوين – الشارقة) وموقع كلباء.
- فترة الألف الأول قبل الميلاد من فترة 1000 ق.م إلى 700 ق.م (العصر الحديدي):
وتتمثّل ثقافة هذه الفترة في جميع الإمارات، وهذه الفترة توضّح بدايات استعمال الإنسان في هذه المنطقة للحديد. ومعدن الحديد متوافر في جبال الإمارات، كما أنَّ معدن النحاس متوافر وبكثرة، ومنه صُدِّرَ إلى بلاد ما بين النهرين عبر دلمون، وقد سمّى السومريون والأكديون بلاد عمان (بلادَ مجان) ويعتقد أنَّ هذه التسمية تشير إلى بلاد النحاس وهي بلاد عمان.
وقد عُرف الكثير من مواقع هذه الفترة ومنها قدف عووم ودبا والبثنة في (الفجيرة)، ورميلة وهيلي والقطارة، وحفيت (بالعين) والثقيبة ومويلح والحمرية البحيص والمدام وخطم ملاحة (الشارقة)، ودلما وغناضة جزيرة صير بني ياس (بأبوظبي) ومواقع أخرى في مختلف الإمارات.
لقد تميَّزت هذه الفترات السابقة بتعاظم مواقع النقوش الصخرية، والتي كانت قريبة عادة من الوديان والجبال، وقد تمَّ تنفيذ هذه النقوش على سفوح الجبال وفي المناطق القريبة من طرق المواصلات، ولم تكن في مواقع مرتفعة من مستوى طول الإنسان ومن الصعوبة التفريق بين الفترات الثلاث (الألف الثالث، الثاني، والأول قبل الميلاد) فيما يتعلَّق بالنقوش الصخرية؛ إذ أتت هذه النقوش متشابهة في موضوعاتها وطرق تنفيذها، وهذا ما أكدته دراسات البعثة الفرنسية التي قامت بعمل دراسة لمواقع الإمارات منطلقةً من إمارة الشارقة في عام 1984. إلا أنَّ موضوعات العصور الحجرية المنفَّذة تختلف عن الفترات اللاحقة كونها تضمُّ موضوعات مختلفة، حيث تشمل أشكالاً آدمية وحيوانية وبعض الخطوط والأشكال، وتشمل أيضاً طيوراً وأسماكاً وبحراً، ويلاحظ على هذه النقوش تفصيلات تشريحية لهذه المخلوقات، إضافة إلى أشكال للظواهر الطبيعية مثل الشمس والقمر والنجوم.
من ناحية ثانية يلاحظ على هذه الرسوم الصخرية تشابهها الكلي مع نقوش في المنطقة المجاورة للإمارات في سلطنة عُمان، إلا أنَّ نقوش سلطنة عُمان كثيرة ومتنوعة وتقع في مختلف المناطق، وذلك ناتج لكثرة وطول السلسلة الجبلية في عُمان، وزيادة وكثافة العنصر البشري وظروف البيئة المناسبة للعيش، ومن ناحية أخرى توافر دراسات حديثة قام بها علماء الآثار لهذه النقوش والتي نُشِرَت في مختلف الكتب والدوريات العلمية المتخصصة. وبشكل عام فإنَّ هذه النقوش ترجع إلى مجموعة النقوش المنتشرة في عموم منطقة الخليج والجزيرة العربية. فلنقوش الإمارات وعُمان مشابهاتها في مناطق المملكة العربية السعودية ومنطقة ظفار واليمن ومناطق غرب العراق وسوريا والأردن، لذلك وجب دراسة هذه النقوش كوحدة واحدة، ونعتقد أنَّ هذا التشابه ناتج من أصل السكان الواحد، ومن الرحلات والهجرات التي تقوم بها القبائل العربية في عموم المنطقة من سيناء في مصر شمالاً حتى رأس مسندم جنوباً عبر سلسلة جبال الحجاز واليمن وعمان غرباً وعبر طريق بحري آخر من شمال الخليج إلى جنوبه، وما يؤكد ذلك أنَّ موضوعات النقوش وأماكنها وطريقة وأدوات تنفيذها متقاربة إلى حد كبير جداً.
5- الفترة الهلنستية (من فترة القرن الثالث ق.م. حتى القرن الرابع الميلادي):
هذه الفترة مُكْتَشَفَةٌ حديثاً وتمثِّل اختلاط الثقافة العربية المحلية في الإمارات مع الثقافة الهلينية الآتية من بلاد اليونان عبر البلاد العربية والأجنبية المجاورة. وتميَّزت هذه الفترة بالعثور على مناطق استقرار، ومنها ما يُعْرَفُ بالمدن وعلى رأسها مدينتا (مليحة) و(الدور)، ومليحة أقدم من الدور، واستمرت الدور زمناً أطول من مليحة، وموقع مليحة كان صحراوياً، أمّا موقع الدور فهو ساحلي، حيث يقع على ساحل الخليج العربي حتى إنَّ بعض الباحثين الغربيين يسمّونه موقع (عمانا) الوارد في الكتابات الكلاسيكية، إضافة إلى الكثير من المواقع المتوافرة في نفس الفترة في عموم أرض الإمارات.
تميَّز هذان الموقعان بالعثور على لقى أثرية كثيرة؛ ومن أهمها لقى عليها خطوط وكتابات بلغات مختلفة؛ منها خط المسند وخطوط اللغة الآرامية والسريانية واليونانية. ويلاحظ على هذه الخطوط المكتشفة أنها كانت تُمارَسُ وتُسْتَعْمَلُ بين السكان عدا اللغة اليونانية (كما نعتقد)، والتي أتت مع المنتجات المستوردة عبر البلاد العربية مثل بلاد الشام، وتعدُّ غريبةً عن سكان المنطقة، وأتت هذه النقوش والكتابات على اللقى الأثرية مثل المسكوكات والأواني البرونزية والفخارية وقطع أثرية أخرى مختلفة.
6- الفترة المسيحية النسطورية (القرن الخامس والسادس الميلادي):
اُكْتُشِفَت هذه الفترة أخيراً في جزر أبوظبي ومنها جزيرة صير (بني ياس) وجزيرة (غاغة)، وتتمثَّل هذه الاكتشافات في العثور على دير كنسي وبعض البيوت. وتميَّزتت هذه الفترة بالعثور على نقوش وزخارف تمثِّل مشاهد من التراث والصفة المسيحية ما يُعْرَفُ بالصلبان والزخارف النباتية المحورة، والتي يغلب عليها تحويرات تمثّل أغصان العنب وأوراق النخيل، ولم يُعْثَر على كتابات واضحة حتى الآن والتي يجب أن يُعْثَرَ عليها باللغة السيريانية – لغة الديانة المسيحية الشائعة والمنتشرة في منطقة الشرق الأوسط ومنها منطقة الخليج.
7- فترة الحضارة الإسلامية (من القرن السادس الميلادي حتى الآن):
بعد الفترات الحضارة السابقة، وقعت الإمارات في هذه الفترة، التي ما زالت مستمرة حتى الوقت الحالي. وفيما يخصُّ موضوعنا، فإنَّ النقوش والكتابات الإسلامية أتت على فترات زمنية مختلفة وهي قليلة بشكل عام، وقد أمكننا أن نرصدَ بعضاً من تلك النقوش في دراسة سابقة خاصة لها. وممّا لوحظ عليها أنها متأخرة الفترة. وبشكل عام فهي لا تزيد على نحو خمسة قرون من الآن، وتمَّ تنفيذُها على سفوح الجبال والصخور الكبيرة البارزة المنفصلة والمستوية الأسطح، ويكادُ التنفيذُ يكونُ نفسَ الأسلوبِ الذي نُفِّذَ للنقوش في فترة العصور الحجرية الحديثة، وفترات الألف الثالث والثاني والأول قبل الميلاد، إلا أنَّ الموضوع مختلفٌ والفترة الزمنية مختلفةٌ، وهذا ما يؤكد أنَّ سكّان المنطقة هم أحفادُ مَن قام بالعمل الفنِّي في الفترة المبكّرة.
إنَّ الموضوعاتِ المنفَّذةَ إسلاميَّةٌ في مجملها، ويتمثَّل التكنيك الفنّي بالنقر والنقش للحصول على كتابات باللغة العربية؛ منها آياتٌ قرآنيَّةٌ وأحاديثُ نبويَّةٌ وكتاباتٌ مختلفةٌ مزوَّدةٌ في بعضها باسم المنفِّذ (النقّاش) وتاريخ النقش. ومواقعُ هذه الفترة كثيرةٌ، حيث تقع في مختلف مناطق دولة الإمارات اليوم؛ الحضرية والصحراوية والجبلية في المدن والقرى البعيدة الواقعة على قمم الجبال ووسطها، وعلى المناطق الساحلية وقرب الوديان والأفلاج والعيون. وتميَّزت النقوشُ بأنَّ تنفيذَها اقتصر على المناطق الجبلية. أمّا الكتابات والنقوش الأخرى فقد تمَّ تنفيذُها على اللقى الأثرية والمباني الإسلامية في مواقع المدن المكتشفة مثل موقع (جميرا) بدبي و(جلفار) برأس الخيمة، وبعض المواقع الثانوية.
الخلاصة:
بشكل عام يعدُّ هذا الموضوع موضوعاً أوَّلياً، وما زالت دراساتُ هذا النوع من الفنون الأثرية قليلةً في المنطقة. وقد كتبتُ سابقاً موضوعاتٍ عدَّة في هذا الشأن، وقام بعض علماء الآثار من الأوروبيين بالكتابة عنه، إلا أنني أشعرُ بأنه ما زال هناك الكثيرُ للإضافة فيه؛ فما الكتاباتُ السابقةُ إلا كتاباتٌ أوليَّةٌ وبدائيَّةٌ أتت على أثر وجود مشاهد عامة للنقوش لم يتم التعمُّق فيها بشكل دقيق وعلمي. ومردُّ ذلك أمورٌ عدَّة مختلفة؛ يقف على رأس القائمة موضوع البحث العلمي المنظم والمبرمج الذي يجب أن تضطلع عليه السلطات المسؤولة عن الآثار في الدولة، وأن يُعْطَى الاهتمامُ اللازمُ، كذلك يجب توفير جميع الإمكانات الفنية والمادية للباحثين، وأن يبدؤوا من الآن بالبحث وحماية مواقع هذه النقوش التي غالباً ما تتضرَّر وتُشَوَّه وتُهْدَم أو تُزال كما حدث لصخرة (المرقة) في خورفكان، (ذات نص كتابي عربي نشرته) وعند عودتي للموقع بعد أربعة أعوام لم أشاهد الصخرة والتي عرفت بعد ذلك أنَّ مشروعاً حديثاً للميناء أزالها من الموقع ومن التاريخ.
إنَّ التنمية الحديثة والسريعة التي تعيشها الدولة في مختلف المناطق تمثّل تحدياً للحفاظ على مواقع الآثار، ليست النقوش فقط بل كل المواقع؛ المنقبة منها وغير المنقبة، ويبقى ضرورة الإسراع في إصدار قانون اتحادي لحماية الآثار مطلباً غير قابل للتأجيل أمام كِبَر وضخامة المشكلات الحاصلة.
مواقع فن الصخور في جبال عمان والإمارات
- قبل Qabal
- وادي قدى Wadi Qidah
- شعم As Sham
- خطمت ملاحة Khatmat Milaha
- وادي غاف Wadi Chaf
- وادي حتى Wadi Hatta
- خطمت شيخية Khatmat Shakhia
- قرن بنت سعود Qarn Bint Saud
- هيلي Hili
- جبل حفيت Jebel Hafit
- وادي الحواسنة Wadi Hawasina
- حمرات الدورو Hamrat ad Duru
- ناطح Natih
- وادي صحتان Wadi Sahtan
- وادي فاره Wadi Fara
- وادي بني خروص والحجير Wadi Bani Kharus And Hijir
- دهوم Dhum
- وادي غول Wadi Chul
- بلاد سيت Bilad Sait Exotics
- حصات بن صلت Colemans rock at Hasat bin Salt
- وادي تنوف Wadi Tanuf
- وادي كماه
- وادي حلفين Wadi Halfayn
- وادي بني رواحه Wadi Bani Ruwaha
- وادي رجيم Wadi Rajim
- وطايا Wutayyah
- وادي عدى Wadi Uday
- وادي ميح Wadi Mayh
- حيل الغاف فوق وادي ديقه Hayl al Ghaf on Wadi Dayqah
- وادي سوى Wadi Swee
المراجع
- دراسات في آثار وتراث دولة الإمارات العربية المتحدة، ناصر حسين العبودي، إصدار المجمع الثقافي أبوظبي 1990، ص 42- 87
- آثار الخليج العربي/ الجزء الأول آثار الشارقة، إعداد: ناصر حسين العبودي، إصدار وزارة الإعلام والثقافة/أبوظبي 1978، ص 86-92.
- الآثار في دولة الإمارات العربية المتحدة، إصدار وزارة الإعلام والثقافة/ إدارة الآثار والسياحة/أبوظبي 1975.
- المواقع الأثرية المكتشفة في الإمارات حتى بداية الألف الثالث بعد الميلاد، ناصر حسين العبودي، مجلة المنتدى العدد 203 يونيو 2000 دبي.
- حقيقة قصر الزباء في رأس الخيمة، ناصر حسين العبودي، إصدار البيان/ دبي 2001، ص 103- 158.
- تقارير البعثة الفرنسية المشتركة مع الشارقة، العدد الأول والثاني والثالث 84، 85، 1986، الشارقة 1993.