2,137 عدد المشاهدات
الكاتب: جمال بن حويرب
للقضاة المصلحين في هذه الدولة الحبيبة تاريخٌ مجيدٌ وإنْ كانوا قلةً في عددهم ولكنّ سيرهم خالدةٌ في القلوب التي عرفتهم أو سمعت بهم، يتحدثون عنهم كلما سنحت فرصة أو ذكروا المحاكم والقضاء* وتأسفوا على سهولته في الماضي، ومن هؤلاء الأعلام الشيخ أحمد بن حسن قاضي دبي وسوف أذكر لكم اليوم بعضاً من سيرته الطيبة وكما قيل:
وتشبّهوا إنْ لم تكونوا مثلهمْ
إنّ التشبّـه بالكـرامِ فلاحُ
ولادته ونشأته
في عام 1878م تقريباً وفي منطقة الراس بديرة التي كانت قرية صغيرة يسكن فيها بعض التجار وأصحاب السفن وقليل من العلماء ولد الشيخ أحمد بن حسن بن محمد بن علي الفقيه القاضي والمربي الذي كان محل تقدير الشيوخ والعلماء والأعيان.
والده الشيخ حسن بن محمد من الشيوخ والمشهود لهم بالفضل والعلم وكان خطيب المسجد الكبير بدبي وقد حرص على تربية ولده الشيخ أحمد التربية الحسنة فنشأ شاباً ورعاً متجهاً للعلم وأهله بكل جوارحه.
تعليمه
تعلّم في الكتاتيب القديمة التي كانت تسد النقص الكبير في التعليم وكذلك ساعد وصول بعض العلماء إلى دبي على تهيئة فرصة مهمة لكل طالبي العلم حيث قدم علماء من اليمن والساحل الفارسي والجزيرة العربية وغيرها من البلدان.
وكان الشيخ أحمد بن حسن ممن تخرج على يدي العلامة الأحسائي عبدالعزيز بن حمد آل مبارك رحمه الله فدرس الفقه المالكي وعلوم اللغة وكذلك تعلم على أيدي علماء آخرين من دبي والأحساء حتى برز في العلم وأصبح يشار إليه بالبنان.
عمله
بعد أن أكمل الشيخ تعليمه بدأ بتجارة اللؤلؤ التي تسمى الطواشة ولا بد للعلماء من العمل في وقت صعب يعمل فيه الصغير والكبير.
وفي سنة 1925م توفي والده الشيخ حسن الذي كان قاضياً في دبي منذ 1878 م فعين الشيخ أحمد قاضياً من قبل المغفور له الشيخ سعيد بن مكتوم حاكم دبي ثم من بعده المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم وبقي في منصبه هذا أكثر من أربعين عاماً يقضي بين الناس بالحق لا يخاف في الله لومة لائم.
وكان يتشدد في التأكد من صحة حكمه فلم يكن يتسرع في إصدار الأحكام حتى تكتمل عنده الأدلة.
لم يكن هناك دار للقضاء ولا إدارات قضائية ولا أجهزة حاسوب ولا شيء كما نراه اليوم ولكن كان القاضي يجلس في بيته أو في المسجد ويأتيه المتخاصمون ويحكم بينهم وهكذا كانت حال الشيخ أحمد ومن عادته أنه كان أولاً يذكرهم بالله ويعرض عليهم الصلح فإن لم يرضوا بالصلح حكم بينهم بما أنزله الله ورسوله.
صفاته
عُرف رحمه الله بأخلاق عالية في بيته ومع الناس، محل احترام الجميع يحبونه ويقدرونه وكان مجلسه مفتوحاً لكل ضيف وزائر، وكان حليماً معروفاً بالصبر كثير الخشوع وإذا خطب بالناس يبكي من شدة ورعه.
وكانت والدتي حفظها الله تزور أهله وتحضرني عنده ويدعو لي وهو يحب الأطفال ويرفق بهم جداً، يخبرني الأستاذ سيف المري أنه دخل مرة بيت الشيخ بعد أن لعب مع الصبيان وقد بلغ به العطش مبلغاً فسمعه الشيخ فكان ينادي اسقوا الولد بسرعه رحمةً به.
لديه مكتبة يكثر القراءة منها وكان أقرب الناس إليه حمد بن ماجد الفطيم وسلم بن خميس النيار وعبيد بن سيف الحثبور وحمود المطوع والشيخ محمد بن يوسف الشيباني والشيخ أحمد بن حمد الشيباني والشيخ أحمد بن سوقات رحمهم الله.
هذا غيض من فيض من سيرة هذا القاضي الجليل وقد توفي في سنة 1973رحم الله الشيخ أحمد بن حسن وأدخله فسيح جناته.
نشر في البيان
بتاريخ 31 يناير 2012