سين جيم من مدارات ونقوش العدد (5)

مجلة مدارات ونقوش – العدد 5

 900 عدد المشاهدات

أسئلة وردت للمؤرخ جمال بن حويرب من خلال حسابات التواصل الاجتماعي :

السؤال الأول: ما معنى اسم الملكة “زنوبيا”؟ وهل له اشتقاق في اللغة    العربية؟

حمد – الإمارات

الجواب: لم يعرف العربُ هذا الاسم قديماً، بل هو بمثل هذا اللفظ لا يقع على قواعد لسانهم العربي، فهو لفظ أعجمي لديهم إذا بقي بتركيبه هذا، وإذا عرفنا هذه المعلومة وتأكدنا منها، فيمكننا أن ننتساءل: إذا كانت “زنوبيا” امرأة عربية الأصول وزوجة لملك عربي، فلن يكون اسمها الحقيقي إذاً هو هذا الاسم، بل سنقول إنَّ المؤرخين الرومان هم من قاموا بتحريف اسمها ليناسب لغتهم في تلك الحقبة الزمنية فسموها يوليا أوريليا زنوبيا Julia Aurelia Zenobia ما فعلوا وغيَّروا اسم زوجها الملك “أذينة” من قبل، فقالوا سبتيميوس LuciusSeptimius Odaenathus، ومن المعروف أنَّ الأسماء تتغيَّر إذا تُرجِمَت من لغة إلى أخرى، وكذلك لوجود مدينة “تدمر” تحت الحكم الروماني لا بدّ أن يُطلق على ولاتها وملوكها أسماء تقارب أسماء الولاة الرومانيين الآخرين، ولهذا اختلفت طريقة لفظ اسم ملكة “تدمر” بين الرومانية التي سمتها “زنوبيا” والآرامية التي سمتها “بات زباي” أي ابنة زباي، والعربية التي يمكن أن تكون قد أسمتها “الزبّاء أو زينب” إذا صحّ قول من قال: إنّ الزبّاء هي نفسها “زنوبيا”.   وفي قراءتي لهذا الاشتقاق وجدت أنَّ الأقرب للحقيقة أن يكون اسمها “الزبّاء أو زينب”؛ لأنّهما اسمان معروفان عند العرب، والأخير أكثر شهرة من الأول، ولهما تفسير صحيح وهذا شرحٌ مختصرٌ لمعناهما: ‫-‬الزباء: يقول ابن منظور في معجمه العظيم “لسان العرب”: “‫وداهيةٌ زبَّاءُ: “شديدة، كما قالوا شَعْراءُ، ويقال للدَّاهية الـمُنْكَرةِ: زَبَّاءُ ذاتُ وَبَر، ويقال للناقة الكثيرة الوبَر: زَبَّاءُ، والزَّبَّاءُ اسم الـمَلِكَةِ الرُّومِـيَّةِ، يُمَدُّ ويُقْصَر، وهي مَلكة الجزيرةِ، تُعَدُّ مِن مُلوكِ الطَّوائف”. قلتُ: نفهم من هذا الشرح أنّ العرب سمّت الملكة بهذا الاسم “الزبّاء”، إما لشدتها وقوة حكمها، أو لكثرة ولطول شعر رأسها من جمالها، لأنّه لن يصفوا المرأة إلا بهذا، ولعل أباها منحها هذا الاسم ليتفاءل بها وينتصر على أعدائه، كما هي عادة بعض العرب في تسمية أبنائهم وبناتهم، أو أنّ الزبّاء لقبٌ أطلقته العرب عليها بسبب ملكها العريض،  وسيطرتها على كثير من البلاد إبّان عهدها   -زينب: أما هذا الاسم، فهو مشهور جداً عند العرب في القديم والحديث، وعن  شرح معناه، يقول ابن منظور في معجمه: “والزَّنَبُ: السِّمَنُ (السمنة) وعن ابن الأَعرابي: الزَّيْنَبُ شجر حَسَنُ الـمَنْظَر، طَيِّبُ الرائحة، وبه سمّيت المرأَة، وواحد الزَّيْنَبِ للشجر زَيْنَبة”. قلتُ: وهذا أقرب إلى قلبي من الزبّاء، لأنه اسم عربي مشهور، ولأن “زنوبيا” عربية، فأقرب الأسماء إليها “زينب”، لاحتوائه على معظم حروفها، وتكون زيادة الواو والياء والألف من قبل الرومان.

  السؤال الثاني: كيف نكتب اسم قبيلة آل بوفلاسة؟

شمسة – الإمارات

الجواب: قبيلة آل بوفلاسة قبيلة عريقة من الفروع الأصيلة من قبيلة بني ياس بن عامرالقبيلة الشهيرة في الجزيرة العربية، ومن آل بوفلاسة عائلة آل مكتوم الكرام حكَّام إمارة “دبي”، وآل دلموك الذين كان لهم دور كبير في تجارة دبي ومنهم أحمد وابنه محمد بن دلموك، كذلك من هذه القبيلة الفارس البطل المر بن حريز وابنته الشيخة الكريمة حصة والدة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم باني “دبي” وأيضاً من هذه القبيلة خرج شعراء كبار، ومنهم الأديب أحمد بن سلطان بن سليم الذي برع في الشعر الفصيح والشعبي وكان أديباً مؤرخاً حافظاً لعلوم اللغة وكذلك أخوه عبدالله، رحمهم الله جميعاً، وغيرهم كثيرون وقد اطلعت على بعض الكتابات القديمة ووجدت أنهم يكتبون اسم القبيلة هكذا “آل بوفلاسا” بألف آخرها، ومنهم من يكتبها بالتاء المربوطة، وهذا ما تكتب به هذه الأيام ولم نعد نرى الكتابة القديمة، وفلاسا لقب غلب على القبيلة وليس اسم والدة لهم، وهذا كثير في قبائل العرب القديمة والحديثة، ومنهم قديماً بنو هاشم واسمه هاشم عمرو لأنه هشم الثريد لقومه وكانوا في مجاعة وثقيف واسمه قسي، وحديثاً هناك الشرقيون الكرام، وهم من قبيلة المساكرة، وكذلك أهل بالخيل من المناصير الكرام، وسموا بذلك بسبب امتلاكهم للخيل كما قيل، وهناك أيضاً الشحوح الكرام وهو لقب قديم لهم وأصلهم من أزد شنوءة وهكذا.

السؤال الثالث: ما معنى تمر العجوة؟ وهل هذه العجوة التي نشتريها من المدينة المنورة نفس العجوة التي ذكرها الرسول الله صلى الله عليه وسلم؟

أ.م السعودية

الجواب: العجوة تمر لذيذ من المدينة المنورة، يضرب لونه إلى السواد كما قال  ابن الأثير وغيره من العلماء وهو نفسه الذي نشتريه اليوم وأكثر أهل العلم يقولون إنَّ “عجوة” رقم اثنين، وهي أصغر من رقم واحد، هي العجوة التي  غرسها رسول الله بيده كما ذكره الرواة ورغَّب في أكلها من السحر والسم وجاء في الحديث : “إنَّ في عجوة العالية ترياقاً” والترياق ما يدفع به السموم، ولم يفسر أهل اللغة معنى “العجوة” ولعله معلوم لديهم فأهملوه وما احتاجوا إلى شرحه. وسأجتهد في الوصول إلى المعنى الأقرب في اشتقاقه، حيث إنَّ مادته من “عجو” أو “عجي” يدلُّ على وَهْن في شيء؛ إما حادثاً وإمّا خِلقة كما قال صاحب (مقاييس اللغة) ومنه قيل للمرضع قليلة اللبن فتؤخر الرضاعة عن طفلها وتعاجيه بشيء أي تعلله به ساعة فيصيب الطفل من ذلك الوهن، ولعلَّ أمهات المدينة كنَّ يعاجين أطفالهن بهذا التمر فسمي “عجوة” ويدل عليه أن نُقل إلينا بصيغة المصدر بفتح العين والاسم بضمها أو أنه كان يصبّر به المرء نفسه فيعاجيها إذا جاع كما تفعل الأمهات بالرضّع، وتمر “العجوة” من أفضل تمور المدينة، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أنَّ فيه قيمة غذائية كبيرة، وكان يهود المدينة يزرعونه ويحرصون عليه وقيل قدموا به من الشام، والله أعلم.

السؤال الرابع: أسمع عن النعال السبتية فما هي؟

عبدالعظيم – السودان

الجواب: النعال معروفة تُذكَّر وتؤنَّث، والسِّبت بكسر السين كل جلد مدبوغ يتخذ منه النعال ويكون بغير شعر، ويقال هو خاص بجلود البقر قال صاحب لسان العرب: قال أبو عمرو: النعال السِّبْتِيَّة هي المدبوغة بالقَرَظ (شجر يُدبغ به) وفي الحديث: أَنَّ عُبيْد بن جُرَيْج قال لابن عمر: رأَيْتك تلبس النِّعال السِّبْتِيَّة، فقال: رأَيت النبي، صلى الله عليه وسلم، يلبس النِّعال التي ليس عليها شعر، ويتوضأُ فيها، فأَنا أُحِبُّ أَن أَلْبَسَها؛ قال: إِنما اعترض عليه، لأَنها نعال أَهل النعْمة والسَّعَةِ. قال الأَزهري: كأَنها سُمِّيَتْ سِبْتِيَّةً، لأَنَّ شعرها قد سُبِتَ عنها؛ أَي حُلِقَ وأُزِيلَ بعِلاج من الدباغ، معلوم عند دَبَّاغِيها. وقال ابن الأَعرابي: سميت النعال المدبوغة سِبْتِيَّة، لأَنها انْسَبَتَت بالدباغ؛ أَي لانَتْ.” ومنه قول عنترة بن شداد العبسي:   بَطَـلٌ كـأَنَّ ثِـيَابَــهُ فـــي سَـــرْحَة يَحْذَى نَعَالَ السِّبْتِ ليس بَتَوْأَم           هذا والجلود التي يستعملها صانع الأحذية ومصلحها، الذي يعرف قديماً بالإسكافي، تتخذ من  جلود البقر والجمال والغنم والماعز، وقد تستعمل جلود الأفاعي، ومن السمك أيضاً إذا كانت كبيرة سميكة.